Translate

Monday, February 25, 2013

بعيدًا على قُربٍ قريبًا على بُعدِ*


   " أنت عارف أنا بحبك قد ايه! بلاش دلع و ثبت دماغك شوية، كفاية إنك مغمض عينك مش راضي تشوفني .. "
أعدلت له رأسه و بدأت بتصفيف شعره الأبيض الامع المنساب على جبينه يكشف شيئا من الصلع في رأسهو بدأت أصفف شاربه الذي كثيرا ما قارنه أصدقائي بشوارب الأبطال في أفلام العمليات الخاصة أو " ألأب الروحي " فهو دائما ما يجلس في غاية الأناقة و الوقار بربطات العنق و الساعات الثمينة ..
   "عارف إن شكلك حلو أوي رغم إنك مش لابس بدلة زي عوايدك .. "
دائما يجلس في ثقة مفرود الظهر ممشوق الجسد رغم عمره الذي كان يفخر أن يضاعفه بأن يزيد عليه عدد الكتب التي قرأها مما ملأته هيبة و حكمة تٌرى في عينيه و خبراته و تعاليمه التي لطالما كان ينقلها لي مذ كنت فتاة صغيرة فقد كان دائما عشقي و فارس أحلامي الرجل الكامل ذي الوجه المشرق المبتسم المهيب رغم طيبة قلبه.
   " اه وشك بيضحك بس ليه مش بتضحك بجد ولا بتتكلم و تهزر معايا و بعدين هو مش أنت بتحب أسرحلك شعرك زي ما دايما بتسرحهولي .. طب ساكت ليه انت أكيد مش زعلان عشان وشك بيضحك أهوه و حلو أوي .. "
   أعشق كيف يبدو وهو مغمض العينين فيه حنان يبعث الحب لمن حوله تشعر به حتى إن لم تراه ، لكن صمته الأن يوجع قلبي أهو نائم ، أهو حزين ، لا لا يبدو حزين أعشق أن أراه ولكن ما بك أشعر بقلبي يعتصر ..
   " طب ! أنا عايزه أوريك الصغير الي شبهك .. بس فتح عينك و شوف شبهك ازاي .. بص حتى هو لابس أبيض في أبيض زايك و ملفوف بيه! ملفوو.. " 
   يتعالى الدق على الباب و أصوات صراخ و نحيب لا أعرف لهم داع ! .. ألا يعلمون أنه نائم أو حزين ! لما كل هذه الضوضاء هم يعلمون جيدا كيف يحب الهدوء خاصة مع صوت الأذان كما هو الأن !!
   -" حرام عليكي يا بنت الي بتعمليه فنفسك و فينا افتحي الباب .. حرام عليكي لازم يخدوه عشان صلاة الظهر أهيه!"
"ملكمش دعوة هو حيقوم لوحده و حياخد ابني الصلاة معاه زي ما قالي في التيليفون.. مش كده يا بابا ؟!"
   -" حرام عليكي تكلمي نفسك يا بنت قطعت قلبي .."
 " حرام عليهم هم عايزين يخدوك مني ليه .. رد عليهم و دافع عني زي كل مرة متسبنيش لوحدي .. كلمهم !! "
  - "ندى أفتحي الباب يا حبيبتي أنا طارق حدخل أنا لوحدي عشان أسلم عليه بس دخليني .."
ما إن فتحت له الباب حتى ضمني اليه و قبل جبيني .. أحبك يا طارق لكن أبي لا يرد.. لما عساه يفعل ذلك
  -" شايفه يا ندى وشه بيضحك إزاي ؟ عارفه ليه ؟ عشان رايح يقابله و عارف انه عامل الي عليه سبيه مبسوط متخليهوش يبقى مضايق عشانك .."
   لا أعرف لما لحظتها انهمرت في البكاء أشعر بيد طارق الحانية تهدئني ولكن قلبي ينسحب من بين ضلوعي 
  -" بوسيه يلا عشان لازم يمشي .."
 قبلته بجائتني بشرته باردة على شفتي كأني ألحظ كل ما به لأول مرة و أرفض الاستيعاب أو الإستسلام .. فلازلت إلى الأن ما أن أدعو له و أقرأ الفاتحة حتى أرى وجهه المضئ يبتسم لي و لكن تتسرب برودة قبلتي له إلى عقلي فأبكي و أرتجف و ما أن يبتسم ف... ابتسم ..
 
                                                                                       علي صــــيام
* اسم القصة شطر من بيت لابن الرومي  

Friday, February 1, 2013

كل عين حجب الليل ضوءها عمياء

قبل كتابة هذا المقال تعلمت الكثير من أصدقاء لهم الكثير من الفضل : " عبد الرحمن عمر " " ندى أسامة " شكرا 




   إذا أردت أن تمشي فالمشي رياضة ، لكن إذا كنت تريد من هذا المشي التأمل فلا أنصحك بالمشي فسيقطع تأملك بكاء طفل في الشارع ينظر اليك يحتاج مساعدتك .. تجاهله فداخلك تضمر له أشياء متضاربه بين الخوف و الشفقة و التعالي و الحزن ، تجاهل كل مشاعرك الجميل منها و القبيح و أكمل طريقك فسيقطع تأملك الأن صوت طفل أخر يسب و يبصق على زجاج سيارة بعد أن وكزه صاحبها وانهال عليه بالشتائم هذا ان لم ينزل من سيارته لتلقينه درسا كيف يتعامل مع أسياده - حسب معتقداته - و ستُكسر ساق أو زراع حلا للمشكلة بينما ينظر الناس له نظرات ما بين ( يستاهل و يا حرام ) أو كحل أخر يخرج الطفل مطواة ليغرزها في صاحب السيارة و هنا يقبض عليه الناس و يتحول لمجرم أو  يهرب فيتحول لبلطجي .. نعم هنا تصنع البلطجية أمام أعيننا ..
    أو ربما رأيت طفلة تقف أمام نافذة سيارة و المال في يدها ولكنها لم تمشي و تدعو كما تفعل دائما بل واقفة ساكنة في مكانها . أرجوك لا تكرهها فهي ليست واقفة تنتظر المزيد من المال لكن فقط راعها الإحساس داخلها وهي تنظر للنافذة الخلفية ترى أم و طفلها في ضحك و قبلات و حنان .. نعم هنا تُقتل الأحلام أمام أعيننا ..
    ولربما تغاضيت أكثر أمام طفلة لم يكد يطلق عليها فتاة طال وقوفها لتأخذ المال ، لكن أرجوك لا تلعنها فيكفي أن لعنها الله و وهبها بوادر جسد امرأة أن يتحسس المال جسدها قبل أن يصل الي يدها و الكل في اتفاق غير متفق عليه لقتل الحلم ، صاحب المال كأنه لا يقصد و هي كأنها لا تشعر و أنت كأنك لا ترى .. نعم هنا تُصنع فتيات اليل بأعيننا ..
    اضرب كل هذا عرض الحائط والعن اليوم الذي كررت أن تمشي فيه و ابحث عن شيء يتلقى اللوم بدلا منك .. أو أعطيت أحدهم ملا و سبك طلبا للمزيد أو تطاول طمعا أو .. جاء ورائي يقول : " عمو اتفضل المناديل أنت نسيتهم "
" لأ خلاص يا حبيبي الفلوس دي بتاعتك "
" متزعلش مني أنا مش عايز فلوس أنا كنت عايز ابيع المناديل "
" عادي يا حبيبي الفلوس دي عشانك هات بيهم شيبسي "
" لأ خد المناديل و أنا حاخد الفلوس و أجيب شيبسي أنا مش بشحت"
" أنا أسف "
" لا عادي أنا مبسوط أصلا أول مرة حد يتأسفلي بس متتأسفش أنا بس نفسي أبيع المناديل و اشتري الفندق ده يعني حيكون بكام؟"
" ألف جنية"
" ياااااااه طب أنا ححوش كتير عشان اشتريه و اأكل أخواتي و جوز أمي ميضربنيش "
 ستسقط دمعة من عينه اهرب اركض فالحقيقة مسئولية ولذلك يتجاهلها و يهابها الجميع .. أركض فعند وصول هذه الدمعة للأرض سترعد السماء و سيلعن الله أهل الأرض علي هذا الحلم الذي سقط مع دمعته .. اركض ربما لن يعذبك ضميرك كأنك تحلم .. نعم هنا يموت الضمير أمام أعيننا ..
    لا أدعوك لإعطائهم المال و لا هي دعوة لجمع تبرعات أو دار أيتام فإعطائهم المال كإعطائهم سمكة دون أن تعلمهم الصيد ، لكني أعترف أنني لا أعرف كيف أعلم الصيد لهؤلاء الأطفال و انما أردت ان تكون بقعة تم تسليط الضوء عليها فلربما تعرف أنت كيف تعلمهم .. بيدك تتركهم .. تتجاهلهم .. أو تعلمهم .. طالما أمنت أن المعرفة هي الحل ولن نرقى إلا بثقافة أفرادها ولكن أيضا تعلمت أنك لن تنفعهم بالفكر فقط ، فإن كنت تعرف كيف تعلمهم الصيد فلا تتجاهلهم .. و تذكر أن المستقبل أنت صانعه .. 

                                                                       علي صـــــيام 
* عنوان المقال هو بيت لأحمد شوقي .