لا
أعلم كيف أبدأ حكايتي .. فكيف جاز لفتاة مثلي اتخذت الصمت خليلاً في
الآونة الأخيرة أن تعبر عن مكنونها لأناس اتخذت أحكامها المسبقة وهواها
حكماً و سيداً لها و من سيصدق ؟... إن لم أعلم كيف أبدأ كلامي ، فأعلم
جيداً أنني لا بد وأن أتحدث و يعلو صوتي الآن ، ولكن …
أأتحدث عن
نجاحي .. ضعفي .. حبي لمن حولي .. خذلاني .. قرارات صائبة ؟ خاطئة ؟ لا
أعلم عمّ يجب أن أتحدث أولاً ولكني أعلم أنني لم أندم ما دمت قد تعلمت ولكن
فقط إن كان بإمكاني أن أتعلم بوسيلة أخرى تحفظ لي نقاء قلبي و قوته،
تعلمت و رأيت .. رأيت ؟ أنا أرى دائماً ولكن لم أكن أصدق .. أردت ألا
أصدق كيف يضيع نجاحي أمام عيني كي يرضى عني من أحب .. أهلي .. أصدقائي .. و
هو –نجاحي- ! أين هو منهم ؟! أين حقه عليّ و عليهم !
أحببتهم كلهم
ولكن لن أسمح لحبي بتدميري فإن مات نجاحي .. مت، أحببتهم كلهم ، لكن لن
أسمح لأفكارهم أن تقتل جمالي ، فجمالي في شخصيتي .. في نجاحي .. فيمن أكون
، فإن مات جمالي .. مت.
تفوقت في المدرسة فأحبوني .. حتى وصلت
للكلية فلم يعينوني على اختياري ، لماذا ؟ لأنك فتاة ! لأن هذا ما يريدون !
لأن هذا ما رسموه و خططوه لكيان كان من المفروض عليّ أن أكون ! فالمهم
اللقب الذي يحبون وليس ما أريد و أتمنى ، يكفيكي هذا النجاح و لتتركي
البقية للرجال ! أيعقل هذا الكلام ! عاندت كثيراً وعورضت أكثر ، فثابرت
وتحملت و تعثرت، فقاومت إلى أن وصلت لنجاحي ، فكان النجاح سلطة و نفوذاً
تفقأ عين من يجرأ أن يقلل من شأني، فإن تعثرت سابقاً فعلمت من أنا لاحقاً ،
فعلم أهلي قدري و رفعوه بعد أن لفظوني سابقاً ، فنجاحي أعاد لي شأني و فوق
الشأن شأن .. من وقتها وقد قررت ألا أسمح لكلمة في بطاقة أن تسرق نجاحي،
فالنجاح يحدده الإنسان بفكره و ليس بنوعه ، إنه حقي وليس من حق المجتمع
تحجيمه .. مجتمع زرع في فكر والدي سابقا أنني حين أعطي دراستي و نجاحي
الأولوية عن الزواج أكون قد أتيت شيئا فريا ! فقط لأنني فتاة ! .. لا يهم
فقد أردت أن أرفض وفعلت، رسالتي هي كل ما يعنيني و ها أنا ذا أمضي علي خطا
تحقيق ما أردت ..تمنيت دائماً أن أصبح أنا الفتاة التي طالما يفخر بها
الجميع .. التي تسعي دائماً أن تثبت من تكون بأفعالها !
أنا
امرأة و هو ليس عيباً أو نقيصة و إنما شرف و عزة .. فأنا إنسانة لها عقل و
قلب و رؤية و لست بضاعة في سوق تعرض ، و يوماً ما سأصبح أكثر مما تمنيت
دوماً أن أكون …لست وحدي وإنما كل من هن مثلي ،يوماً ما سيعترف الجميع
بقيمتنا .. سيعرفون بل و سيعترفون بأهميتنا ! سيدركون حينها ماذا تعني
كلمة فتاة …..