Translate

Friday, October 17, 2014

في مقتبل العمر

     
     كشاب في مقتبل العمر و بحالة إجتماعية جديدة ( خاطب ) العمل بالنسبة لي من متطلبات و أساسيات الحياة ، و مع بداية العام الدراسي الجديد لدي صديق مقرب وضعه مثل وضعي متبقي له عام على التخرج و كان ما فعله شيء لم يخطر لي على بال هو أن قدم إعتذار عن السنة الدراسية لتأجيلها كي يتفرغ للعمل ثم يكمل تعليمه في العام المقبل لكن بعد أن يثبَت في عمل يضمن له الحياة ، لا أعرض ما فعله موضع نقد بل على النقيض أنا أحترمه و أحترم قراره القائم على كثير من التضحيات ما ظهر منها لنا و ما بطن عنا و لكن أعرض الموقف متأملاً وعي هذا الشاب لمبدأ التضحية من أجل الوصول لشيء منشود فقد أرى أخرين يرفضون العمل لأن ( الشغلانه مش جايبه همها ) منتظرا بعد تخرجه من الكلية أن ينصَب مدير عام أو بمرتب مدير عام دون النظر ماذا سيقدم، و أنا أيضاً لا أنتقد طلباتهم فبعملية حسابية بسيطة ستكتشف أن مع متطلبات عصرنا الحديث بأسعارها الحديثة مرتب مدير عام ببضع ألاف قد لا يكفي أن تبني حياة دون مساعدة زويك إلا بعد ما يقارب العشر سنوات فقد أصبحنا جيلا غنيًا في بيته فقيرا في نفسه فقد يسميه البعض " عصر الأباء " و يسميه الأباء " جيل تايه أو مفقود " *، لا أعرف حلاً سحرياً لمعضلة جيل أعيشها معهم مع موقف هو أيضا منتشر و هو العمل بعمل الأب الذي قد يكون خارج دراستك أو ما قد رسمته لنفسك و هناك من يعمل للخبرة دون المال أملاًً في حظ أفضل مع عمل أخر و هناك و هناك و هناك و لم أعرض صور للمفاضله أو الإنتقاد ففي كل صورة قرر أحدهم أن يأخذ قراره بما يضحي من طموح أو وقت أو مال و دراسته أو ربما قرر أن يضحي بمن يحب أملاً أن يصل لشيء ليس في متناول يده القريب ولربما حدث في البعيد أو لن يحدث فكان كل قرار من أحزان هذا الزمان و مع كل هذه الصور أنتقد واحد فقط و هو من لديه الصحة و الشباب و يعمل ( منادي ) في تنظيم السيارات راجياً بعض الجنيهات التي مع الوقت أصبح لل ( ركنة تسعيرة ) على حسب المنطقة و ( الرجل عليها ) فأصبحت مربحة بمرتب " مدير عام " دون مبالغة فإن عُرض عليه عمل كريم رفضه لأنه و إن كان ألف جنيه ربما كان هذا ثلث ما يجنيه حالياً أو أقل، و لن أطيل في إنتقاد هذا الموقف فله أيضا من أسباب و مشاكل الحياة ما له فيستوقفني الفعل لا الشخص الذي ( يستسهل ) فلا ألومه ما دام هذا ما يفعله معظمنا فما أن أراه حتى أتذكر كتاب للكاتب الراحل " يوسف إدريس " بعنوان " فقر الفكر و فكر الفقر " للأسف لم تتح لي الفرصة أن أكمله حتى الأن و لكن تستوقفني كلمته فيما قال : " الفقر مرض يصيب الإقتصاد و يصيب العقول و يصيب الخيال أيضاً " و هو يوضح ما وصلنا إليه من فقر في الأفكار مؤدية لفقر في الإنتاج الذي بدوره يؤدي لفقر الإقتصاد لفقر في الفكر فنحوم حول أنفسنا في حلقة مفرغه الذي جعل معظم ما نراه حولنا نسخ من مسخ أفكار تنتشر للإختلافها الذي يلقى رواجاً لملل الناس و عزلتهم الإختيارية- الإجبارية التي خلقتها التكنولوجيا الحديثة التي توضح لنا كيف أصبحنا شعب مستهلك للأفكار منتظرا العلم يبدعه له أخرين في جهاز أو شيء و يعطيه لنا أو لا يعطيه وفقاً الموقف و ما يقتضيه أما ما نبدعه فيكون في حمل طفل صغير على كتفك أثناء ( الشحاته ) لشحذ تعاطف قد يجنيك أكثر و في بكاء بدموع التماسيح تجذب لك أنظار الناس و أموالهم و أفلام تخاطب النصف السفلي، فهذا هو فكر الفقر و هناك حولنا نرى فقر فكر و فقر فن و فقر إبداع في وقت نحن أمس الحاجة فيه لإستغلال للمواهب و الأفكار لخلق فكر جديد يناسبنا ليس مما نستهلكه من هوجة كل ما هو موضة تختفي بنفس سرعة ظهورها لإختلافها الشديد عنا كأن تلبس ثوب لا يناسب مقاسك فتتوالى الإختراعات الكسوله كي تدر المال القريب دون بصيرة لبعيد خالقين ( شماعة ) نعلق عليها مشاكلنا و نخلق أعداء وهمين لنادري عيوبنا بدل مواجهتها رغم أن عدونا هو نحن بجهلنا فليس هناك عدو أكبر منا لأنفسنا غير أنفسنا و إدعائنا للمعرفة دون تقبل نقد فنتوهم النجاح منتظرين أن يقدم لنا على طبق من ذهب دون تعب فيما قد يكون الحل في مواهب دفناها في رحلة السعي وراء المال الذي لن يسير تدفقه دون فكر يحافظ على تجديد مصادره بل و خلق سبل جديدة بفكر متأصل لنا كي نحيك ثوباً يناسب مقاسنا بالعمل و الإجتهاد و فكر و ثقافة ..

                                                                                                         علـي صيـام




* Lost Generation مصطلح للكاتب إرنست همنجواي أو ظهور للمصطلح في كتاب " The sun also rises " ثم في "Moveable
 feast "

Saturday, June 14, 2014

كأس العالم ( مقال مش رياضي )


    كرة القدم هي الرياضة رقم واحد في العالم ، تختفي كل المشاكل السياسية و الإقتصادية امامها، تجلس لترى المباراة بكل حماس و انفعال و تشجيع من صميم القلب يسمع في كل بيت و يدخل لكل الأذان هتاف المقاهي فرحة أو اعتراضا على اللعب، ثم يظهر " أونكل Uncle " صاحب الشارب الكث و النظرة الثاقبة و القميص الكاروهات و لي الشيشة الفاخرة و بالطبع " الكرش " المتدلي . ليملي على كل المقهى أرائة التي لا رد لها و سبابه و توجيهاته للاعبي الفرق العالمية - بالطبع اللاعبين سوف يشعرون بإنفعاله عبر القارات و إلا لماذا كل هذة التوجيهات- .. " أونكل" هذا هو معظمنا مع إختلاف الشارب و حجم الكرش فالرياضة مثلها مثل كثير من الأشياء في حياتنا و أفكار يجب أن تتم ممارستها و هنا تبدأ المشكلة . لقد أصبح شعبنا استهلاكي لكل شيء منتظرا من الغرب إبداع ما يبدعه في فيلم أو رياضة أو جهاز لنستهلكه عندما يفرغوا منه و هم يمينوا علينا به في نظرة اقتصادية بحتة يعيرنا به اهتماما أو لا حسب الموقف و ما يقتضيه. فتصل هذة المفارقة لشتى نواحي حياتنا حيث أصبح معظمنا محلل استراتيجي سياسي اقتصادي رياضي - أو زي ما أنا بعمل دلوقتي محلل ثقافي - فتبدأ المشكلة مع سرقة ألحان و أفلام بل و أفيشات الأفلام كما هي وحتى عند إدراكنا لهذا الغش و السرقة الفادحة تتحول هذة الأفلام لأعلى إيرادات - المهم صافيناز و هيفا و دينا يرقصوا - فلا يهتز كياننا لفعل السرقة التي تبدأ بالأفكار لتمس حياتنا بكل جوانحها فننتفض ولعا لمعرفة ماذا ترتدي الراقصة فلانة و الممثلة علانة في أخر أفلامها ولا يعير انتباهنا إكتشاف أحد أطفالنا لنظرية علمية . فتظهر حالات التحرش و نندهش لها و ينتفض الانترنت انتفاضة عملاقة تهز الأركان - يومين تلاتة كده - من تغير صورة " البروفيل " أو كتابة سبا و قذفا في في الشعب كله ولا ننسى ختامة الكلام ب"وطن عفن" و عندما تتكرر الحادثة و تزيد بشاعة زادت مدة تغير صورة البروفيل و السباب ..و نستغرب كيف يقف شخص ما يصور مثل هذه البشاعة وننسى ان من يقف حوله يرفعون أصواتهم فلا تهب أيديهم لإنقاذ الموقف و ننسى انه ربما يوم سمعت الموقف انك مررت جانب رجل - مع سحب لفظ رجل منه - يركل امرأة في بطنها ممدة على الأرض لا حول لها ولا قوة و كانت مخيلتك الإخراجية الجامحة تختلق القصص حول لماذا يمكن أن تستحق هذا الضرب قبل أن تتطرأ عليك أخيرا نظرية " اعمل نفسك ميت .. كل واهد في هاله يا مهي " و بما أننا " وطن عفن " فنستحق أن نكون عالم ثالث و الحقيقة اننا عالم ثالث لأنه ليس هناك عالم رابع أو خامس فإن وجد لاستحققنا بجدارة أن نكون عالم تاسع أو عاشر ولا تستحي أن تزيد الأصفار جانب الرقم. فالدول المتقدمة متقدمة ليس فقط في العلم و التكنولوجيا و انما احترامهم لآدميتهم و معرفتهم حقوقهم و واجباتهم و حماية حق الفرد في معيشته و ارادته و كرامته و سلامته ، فلا ترى في أي عالم أخر أو حتى عالم موازي أن تستنجد فتاة بالناس من معتدي فلا يستجيبوا إلا إذا نادت "حراميييي " !!
        عودة إلى " أونكل " فليس كل شبابنا بمثل أفكاره و كرشه بل تمتليء الصالات الرياضية بالشباب الذي يكد في الحفاظ على جسده ، لكن يبقى السؤال .. هل هذا الحفاظ و النحت هو للصحة الجسدية و الرياضة و اللياقة أم هو " فورمة الساحل " ؟ ففي الحالة الأولى عند البعض هو شيء عظيم يحترم و يجب انتشارة ، أما في الحالة الثانية هو شكل من أشكال التحرش دون أن ندري..
       نحن نحتاج أن نضع قاموسا لعقولنا ، لمفاهيمنا ، لأفكارنا فبعض الأشياء نفعلها دون أن ندري احيانا معناها أو لماذا نفعلها ثم نحزن لتتحول حياتنا لنظرية انتمائنا لكوكب اخر أو عصر أخر و هي نظرية نهرب كلنا اليها من واقع نعيشه أو لا نعيشه فنحن نرفضه.. و الأن فكر في من تشجع في كأس العالم و سم من شئت من فرق العالم بل أصنع فريق الأحلام الخاص بك و استبعد هذا البلد اللعين فهي ليست فيه و احلم قبل كل مونديال أن ندخله ولكن تمسك فيمن تشجع فنحن فقط نريد دخول المونديال كقصة نرويها لأحفادنا كما رويت إالينا ان يوما ما ذهبنا فلا يهم أن نذهب و تنفجر الطائرة باللاعبين لا يهم فالهدف هو الصعود فقط ولنترك مسألة الفوز لمن يمن علينا بالأفكار منذ البداية أما نحن .. نحن لا نلعب لنفوز و أنما " عشان أونكل يحلل " و ربما يوما ما ننشيء كأس العالم للسباب و عندها المراكز الثالثة الأولى لنا دون منازع و ليحاول العالم اللحاق بنا..
      اعتاد شعبنا في الأونة الأخيرة على الثورات و الرفض و الاعتراض بأعلى صوت ولكن لنبدأ الأن برفض سلوكنا و نثور أولا على أنفسنا و مفاهيمنا التي تسمح بإغتصاب يهتز له ادعاء مريض لا يرضي انفسنا بل يملئها تقززا منا فلتبدأ ثورة على المفاهيم و الثوابت لا نتمسك بالظاهر و لنحفر عميقا في محاولة للبحث على المصادر و حلها و نأخذ مبادة للفعل و ليس القول فكفانا قولا..

بقلم:
    علي صيام.


نعيب زماننا والعيب فينا وما لزماننا عيبٌ سوانا
ونهجو ذا الزمانَ بغير ذنبٍ ولو نطق الزمان لنا هجانا
وليسَ الذئبُ يأكلُ لحمَ ذئبٍ ويأكلُ بعضنا بعضاً عيانا

الإمام الشافعي