Translate

Saturday, June 14, 2014

كأس العالم ( مقال مش رياضي )


    كرة القدم هي الرياضة رقم واحد في العالم ، تختفي كل المشاكل السياسية و الإقتصادية امامها، تجلس لترى المباراة بكل حماس و انفعال و تشجيع من صميم القلب يسمع في كل بيت و يدخل لكل الأذان هتاف المقاهي فرحة أو اعتراضا على اللعب، ثم يظهر " أونكل Uncle " صاحب الشارب الكث و النظرة الثاقبة و القميص الكاروهات و لي الشيشة الفاخرة و بالطبع " الكرش " المتدلي . ليملي على كل المقهى أرائة التي لا رد لها و سبابه و توجيهاته للاعبي الفرق العالمية - بالطبع اللاعبين سوف يشعرون بإنفعاله عبر القارات و إلا لماذا كل هذة التوجيهات- .. " أونكل" هذا هو معظمنا مع إختلاف الشارب و حجم الكرش فالرياضة مثلها مثل كثير من الأشياء في حياتنا و أفكار يجب أن تتم ممارستها و هنا تبدأ المشكلة . لقد أصبح شعبنا استهلاكي لكل شيء منتظرا من الغرب إبداع ما يبدعه في فيلم أو رياضة أو جهاز لنستهلكه عندما يفرغوا منه و هم يمينوا علينا به في نظرة اقتصادية بحتة يعيرنا به اهتماما أو لا حسب الموقف و ما يقتضيه. فتصل هذة المفارقة لشتى نواحي حياتنا حيث أصبح معظمنا محلل استراتيجي سياسي اقتصادي رياضي - أو زي ما أنا بعمل دلوقتي محلل ثقافي - فتبدأ المشكلة مع سرقة ألحان و أفلام بل و أفيشات الأفلام كما هي وحتى عند إدراكنا لهذا الغش و السرقة الفادحة تتحول هذة الأفلام لأعلى إيرادات - المهم صافيناز و هيفا و دينا يرقصوا - فلا يهتز كياننا لفعل السرقة التي تبدأ بالأفكار لتمس حياتنا بكل جوانحها فننتفض ولعا لمعرفة ماذا ترتدي الراقصة فلانة و الممثلة علانة في أخر أفلامها ولا يعير انتباهنا إكتشاف أحد أطفالنا لنظرية علمية . فتظهر حالات التحرش و نندهش لها و ينتفض الانترنت انتفاضة عملاقة تهز الأركان - يومين تلاتة كده - من تغير صورة " البروفيل " أو كتابة سبا و قذفا في في الشعب كله ولا ننسى ختامة الكلام ب"وطن عفن" و عندما تتكرر الحادثة و تزيد بشاعة زادت مدة تغير صورة البروفيل و السباب ..و نستغرب كيف يقف شخص ما يصور مثل هذه البشاعة وننسى ان من يقف حوله يرفعون أصواتهم فلا تهب أيديهم لإنقاذ الموقف و ننسى انه ربما يوم سمعت الموقف انك مررت جانب رجل - مع سحب لفظ رجل منه - يركل امرأة في بطنها ممدة على الأرض لا حول لها ولا قوة و كانت مخيلتك الإخراجية الجامحة تختلق القصص حول لماذا يمكن أن تستحق هذا الضرب قبل أن تتطرأ عليك أخيرا نظرية " اعمل نفسك ميت .. كل واهد في هاله يا مهي " و بما أننا " وطن عفن " فنستحق أن نكون عالم ثالث و الحقيقة اننا عالم ثالث لأنه ليس هناك عالم رابع أو خامس فإن وجد لاستحققنا بجدارة أن نكون عالم تاسع أو عاشر ولا تستحي أن تزيد الأصفار جانب الرقم. فالدول المتقدمة متقدمة ليس فقط في العلم و التكنولوجيا و انما احترامهم لآدميتهم و معرفتهم حقوقهم و واجباتهم و حماية حق الفرد في معيشته و ارادته و كرامته و سلامته ، فلا ترى في أي عالم أخر أو حتى عالم موازي أن تستنجد فتاة بالناس من معتدي فلا يستجيبوا إلا إذا نادت "حراميييي " !!
        عودة إلى " أونكل " فليس كل شبابنا بمثل أفكاره و كرشه بل تمتليء الصالات الرياضية بالشباب الذي يكد في الحفاظ على جسده ، لكن يبقى السؤال .. هل هذا الحفاظ و النحت هو للصحة الجسدية و الرياضة و اللياقة أم هو " فورمة الساحل " ؟ ففي الحالة الأولى عند البعض هو شيء عظيم يحترم و يجب انتشارة ، أما في الحالة الثانية هو شكل من أشكال التحرش دون أن ندري..
       نحن نحتاج أن نضع قاموسا لعقولنا ، لمفاهيمنا ، لأفكارنا فبعض الأشياء نفعلها دون أن ندري احيانا معناها أو لماذا نفعلها ثم نحزن لتتحول حياتنا لنظرية انتمائنا لكوكب اخر أو عصر أخر و هي نظرية نهرب كلنا اليها من واقع نعيشه أو لا نعيشه فنحن نرفضه.. و الأن فكر في من تشجع في كأس العالم و سم من شئت من فرق العالم بل أصنع فريق الأحلام الخاص بك و استبعد هذا البلد اللعين فهي ليست فيه و احلم قبل كل مونديال أن ندخله ولكن تمسك فيمن تشجع فنحن فقط نريد دخول المونديال كقصة نرويها لأحفادنا كما رويت إالينا ان يوما ما ذهبنا فلا يهم أن نذهب و تنفجر الطائرة باللاعبين لا يهم فالهدف هو الصعود فقط ولنترك مسألة الفوز لمن يمن علينا بالأفكار منذ البداية أما نحن .. نحن لا نلعب لنفوز و أنما " عشان أونكل يحلل " و ربما يوما ما ننشيء كأس العالم للسباب و عندها المراكز الثالثة الأولى لنا دون منازع و ليحاول العالم اللحاق بنا..
      اعتاد شعبنا في الأونة الأخيرة على الثورات و الرفض و الاعتراض بأعلى صوت ولكن لنبدأ الأن برفض سلوكنا و نثور أولا على أنفسنا و مفاهيمنا التي تسمح بإغتصاب يهتز له ادعاء مريض لا يرضي انفسنا بل يملئها تقززا منا فلتبدأ ثورة على المفاهيم و الثوابت لا نتمسك بالظاهر و لنحفر عميقا في محاولة للبحث على المصادر و حلها و نأخذ مبادة للفعل و ليس القول فكفانا قولا..

بقلم:
    علي صيام.


نعيب زماننا والعيب فينا وما لزماننا عيبٌ سوانا
ونهجو ذا الزمانَ بغير ذنبٍ ولو نطق الزمان لنا هجانا
وليسَ الذئبُ يأكلُ لحمَ ذئبٍ ويأكلُ بعضنا بعضاً عيانا

الإمام الشافعي














No comments:

Post a Comment