Translate

Saturday, January 31, 2015

القرار الأخير


 
ده مش قصص قصيرة ده محاولة لكتابة روائية فباخد الأراء..


       "أكرم" .. نادت عليه وهي تلمس أطراف شعر ذقنه النامية ، كانت تعلم جيدًا ما تشعر حياله ، ولكنها أيضًا تعلم ما لا يشعر تجاهها ، لم تتخيل أبدًا أن بعد قوتها ضعف ، لم تتخيل أن بعد كثرة رفضها رجاء .. رجاء خفي ظاهر و غير معلن عن رغبتها به التي تمادت في محاولة التعبير عنها حتى تخطت حدودها الشخصية و استسلمت له تماما أو أرادت أن تستسلم ولكن .. ولكن لم يقترب و ربما كرهت أنه لم يقترب .. و لربما تمنى .. و لربما كرهت أنه تمنى ولربما أحبته أكثر لأنه لم يقترب .
- " سرحان في أيه ؟ عايز تنام ؟ " هز كتفه في دليل على عدم المعرفة . اليوم هو الكارت الأخير.. حفلة لمطربها المفضل الذي يشعرها براحة في وحدتها القاتلة و التي في حبه لا تحب أن تشارك أحد ولكن .. و لكن اليوم مختلف فهو خطوتها تجاه الجنة أو النار تجاه الخلاص و عدم الوقوف على الأعراف .. خطوتها لما بعد خطوطها.. خطوتها تجاهه ، لعله يقترب لعله ينتشلها من وحدة اليل التي تشعر بيها يوميا منذ وفاة ذويها في ذلك الحادث المشهور ، أو لعلها تواجه نفسها أنه لم و لن يكون ملكا لها .
ستنام على كتفه و سيكره ذلك ، و سيكره أكثر أنه أحب أنها تفعل ذلك، سيكره أنه يحتاجها أنه يريدها و أنه يعلم أنه لا يحبها ، يكره أنه لا يمد يده ليدها أو يمرر أصابعه لتتخلل شعرها أو يتحسس شفتاها بأنامله معلنا كيف يريد أن يحرك شفتاه على نهج أنامله، يعلم أن استسلامه لما يريد سيجعلها تستسلم ولكنه يعلم أيضا أنه لذلك ربما يخسرها و يخسر نفسه التي لن تتوقف .. و كره أنه يعلم ذلك .
-" بتبصلي كده ليه ؟ " قالتها في دلال و قوة و كسوف و .. و رغبة ، كان ينظر لعينيها و شفتاها و هي تنظر ليده التي تمتد لخدها تلمسه ، كان في أسرع قطار يتذكر في إبطاء تصوير بطيء سنيمائي كيف كانت ممسكة بيده في الحفلة تقفز في سعادة طفولية محيرة لا يعلم أهي سعادة بالحفلة أم بأنه معها ممسكًا يدها و يحتويها .. هو لا يعلم .. ولا هي .. ولكنه قبلها في تلك اللحظة.


                             *          *           *           *          *        *           *           *

            من ذا الذي يهرب من الشيطان... لماذا كذبوا علينا بقبح و بشاعة الشيطان بصولجانه الشوكي و قرونه الحمراء و فمه ذي الأنياب الدامية ، لماذا هذه الخدعة و هو الذي يراها أمامه الأن في أقصى صور الجمال و أزهى الألوان و أخر صيحات الأناقة و أيات الأنوثة و أرق شفاه تنتج أعذب نغمات .
  لا يعلم سر ضعفه و إستسلامه لها كلما رأها ، رغم كل هذه السنون و كل ما فعلته به ولكنها يستسلم لهذه النظرة الجميلة ذات الجمال الشيطاني، كانت تنظر له و كان يعلم كل خطواتها مسبقًا ، فقد علمها و شكلها و حفظها و كثيراً ما تعذب في كذبها ولكنه خسر كما يخسر دائماً ، جلسا يتضاحكان في هذا المطعم الذي حلما دائماً أن يذهبوا إليه معاً في فرنسا وقت زواجهما ، الصدفة كانت أكبر من إستيعابهما أن يتقابلا هناك، رغم أنها هي من طلبت الطلاق بل و سافرت لتلوي زراعه حتى يذعن لأمرها و رغم أنه علم أنها ستندم لاحقاً على هجرها له و وعد نفسه أنه لن يستسلم لها أبداً و لن يسامحها ، و لكنها في كل مرة تراه فيها تخرج ألاعيبها عليه في تحدي أن تهزمه في لعبته التي علمها لها .. و في كل مرة هي في تحدي تكسبه في نفس اللحظة التي تقرر أن تبدأه و مهما أبدى تمنعاً و عناداً فالنتيجة واحدة .
   كانت تمجد فيه و في نجاحه و وسامته و تمدح كيف أندمج في تلك البلاد .. كان يحكي عن ما يريده في المستقبل و كانت تعلم بماذا يحلم و كانت تعلم ماذا سيقول لاحقا فهي مصدر الإلهام لهذه الأحلام فتكملها له في أحيان و تخطيء في الإكمال في بعض الأحيان كي يصححها و هي تعلم أنه سيفعل ، كما تفعل هي كل مرة خطواتها المعتادة .. تمسك يده تضغت عليها و تظهر دمعه في عينها .. يحتضنها و يمسح الدمعة قبل نزولها.
" أنا عمري ما قولتلك قبل كده .. بس أنا أسفه .. أنا بحبك " تلف رقبتها .. و تقبله .. لا يبادلها  ويصمت و يغوص في صمته في رحلة داخلية للبحث عن ذرة قوة تمنعها أو على الأقل تمنعه هو ، ولكنه .. و لكنه كلما غاص رأى أنواع و فنون التقبيل التي حلم بها و عاشاها سوياً في الماضي و عاد يحلم بها.
" أنا أسفة .. عارفة انه مينفعش .. مكنش قصدي أضايقك أنا .. " داعبت شعرها و أرجعته خلف أذنها و هو يسب و يلعن في سره الصدفة التي تجمعه بها في مكان أحلامه و هي ترتدي الحلق الذي أهداه لها في ذكرى زواجهما الأولى و كلما حلم بها كانت ترتديه .. أهو حلم .. أهو كابوس .. بالطبع هو كابوس بل جحيم .. أفاق على دمعة أخرى سقطت على يده و هي تقول
 " أنا أسفة ".
- " مبحبش أكون مديون لحد"
- " أنت عمرك ما كنت مديونلي يا أسامة أنا الي .."
قاطعها وهو يطبع قبلة على خدها و هو يرى إبتسامة نصرها التي كرهها و كره قوتها الناعمة الغاشمة التي لطالما أعتصرت عنفوان قوته و حولته لتراب منسي منثور و لكلما تمنع كلما أعطت و كلما أستسلم كلما تركته راغباً للمزيد .. كلما ذكرته أنها صاحبة .. القرار الأخير.
تحولت القبلة من خدها لشفتيها في إنفجار بركان يغلي يريد أن يثور
- " أسامة .. مينفعش أنا دلوقتي بقى عندي ابن صغير "
- " اه .. مش أسمه أسامه برضه ؟"
ابتسمت ابتسامة المنع فهي صاحبة ذلك القرار و لكنه كان يعلم أن تلك خطوتها و لكنها لم تعلم ما هي خطوته
- " عندك حق كل ده غلط "
- "أنت زعلت ؟ "
- " من ايه ؟ "قالها في إبتسامة تتصنع الإمتناع عن الغضب
و تفجر بركانها .. هي التي تقبله الأن.. و الأن هو يعرف .. لم يكن يرى الشيطان حين رأها .. بل حتما سيراه و لكن حين يعود للبيت و يروي أرضا بارت حين جفت مياة قناتها و علم الأن كيف يرويها من باب المنزل للأرض للأسره و يغسل تلك الأراضي تحت ( الشاور ) و في الصباح سينظر في المرآه و حينها .. سيراه.. الشيطان.

No comments:

Post a Comment